يعاني مستشفى سانية الرمل بتطوان من أزمة صحية خانقة، نتيجة خصاص مهول في تخصص جراحة الدماغ والعمود الفقري، وهو ما أصبح يهدد حياة عشرات المرضى، ويطرح علامات استفهام جدية حول فعالية المنظومة الصحية العمومية، واحترامها للحق الدستوري في العلاج.
وحسب معطيات حصرية حصلت عليها جريدة تطوان44 من داخل المستشفى، فإن هذا المركز الطبي لا يضم سوى طبيب واحد فقط مختص في هذا المجال الدقيق، وسط تزايد الحالات المستعجلة التي تتطلب تدخلاً جراحياً عاجلاً، خاصة في حالات النزيف الدماغي وكسور العمود الفقري.
غير أن المفارقة الصادمة، وفقًا لمصادر طبية، هي أن هذا الطبيب بات معروفاً داخل المستشفى بقراراته المثيرة للجدل، من خلال رفضه المتكرر للتدخل في الحالات الحرجة، بدعوى “عدم وجود وقت” أو “ازدحام جدول العمليات”، رغم خطورة الوضعيات الصحية التي ترد على قسم المستعجلات.
وما يزيد الوضع تعقيداً، هو توجيه الطبيب للمرضى نحو مصحة خاصة دون تقديم مبررات طبية واضحة، وهو ما وصفه مهنيون في القطاع بـ”السلوك غير المهني وغير الأخلاقي”، مشيرين إلى احتمال وجود تضارب مصالح، خاصة في ظل تكرار تحويل الحالات إلى نفس المصحة.
وتوثق الجريدة إحدى الحالات المؤلمة، حيث تعرض مريض لسقوط خطير أدى إلى إصابة في الرأس وكسور متعددة، وكان بحاجة ماسة إلى تدخل جراحي فوري، غير أن الطبيب رفض إجراء العملية داخل المستشفى، وأحال الحالة مباشرة إلى المصحة الدولية الخاصة، ما كاد أن يتسبب في مضاعفات خطيرة كادت تودي بحياة المريض.
هذا الوضع بات يثير قلقاً واسعاً في أوساط الرأي العام المحلي والمهنيين، خاصة أمام ما يعتبره البعض “تواطؤًا بالصمت” تجاه ممارسات تضر بمبدأ المساواة في العلاج داخل القطاع العمومي.
ويطالب فاعلون محليون وحقوقيون وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالتدخل العاجل، من خلال فتح تحقيق شفاف في هذه التحويلات المشبوهة، مع ضرورة سد الخصاص الخطير في الموارد البشرية داخل مستشفى سانية الرمل، وتمكين المرضى من حقهم المشروع في العلاج والرعاية دون تمييز أو خضوع لحسابات ضيقة.