أثارت جماعة طنجة موجة من الانتقادات بعد اتخاذها قرارًا مثيرًا للجدل، حيث قامت بتخصيص مساحة كانت مخصصة للمراحيض العمومية في منتزه الأطفال بمنطقة الرميلات لصالح أحد المطاعم، مما دفع العديد من المواطنين وفعاليات المجتمع المدني إلى التساؤل عن معايير توزيع هذه الامتيازات.
في الوقت الذي يتوافد فيه الشباب إلى مقر الجماعة أو قصر البلدية، في محاولة للحصول على تراخيص لاستغلال نقاط تجارية بالكورنيش أو المتنزهات أو شوارع المدينة، يُواجَهون بردود محبطة بدعوى غياب دفتر تحملات واضح للأكشاك التجارية واستغلال الملك العام. ومع ذلك، يبدو أن هناك حالات استثنائية يتم فيها تسهيل الإجراءات وإيجاد حلول قانونية تتيح لبعض المحظوظين استغلال فضاءات معينة دون قيود تذكر، مما يثير تساؤلات حول معايير هذه التسهيلات ولماذا تُمنح للبعض وتُمنع عن آخرين.

فعاليات المجتمع المدني في طنجة تطالب الجماعة والسلطات الولائية بتبني نهج أكثر شفافية في تدبير الملك العام، من خلال وضع دفتر تحملات واضح يتيح فرصة عادلة أمام جميع الراغبين في إنشاء مشاريع تجارية، بدلًا من الاعتماد على الاستثناءات والمعاملات التفضيلية.
التجربة الإسبانية نموذجًا
في مدن إسبانيا، التي يزورها العمدة منير الليموري باستمرار، يتمتع أي مواطن بحق التقدم بطلب للحصول على رخصة تجارية لمزاولة نشاط اقتصادي، بشرط الالتزام بالمعايير التقنية ونوعية المنتجات، ويتم منحه الترخيص بعد دفع الرسوم المالية المطلوبة. لكن في طنجة، يظل منح هذه التراخيص محاطًا بالغموض، حيث يتم تعطيل بعض الطلبات وفتح الأبواب لأخرى وفق اعتبارات غير واضحة.
تبرير الجماعة والواقع الميداني
و بحسب مصدر جماعي أفاد، أن الفضاء الذي تم تحويله إلى مطعم كان سابقًا مرتعًا للمنحرفين، وكان يُستغل كموقع للدعارة بسبب غياب الإنارة والحراسة، مما دفع سلطات الولاية إلى تفويته لصاحب مطعم في الرميلات، بناءً على طلب رسمي مدعوم بتقرير من السلطة حول وضعية المكان. ووفقًا للمصدر، فقد وافقت الجماعة على الترخيص بعد حصولها على تأكيد من السلطة المحلية بعدم وجود مانع قانوني، مع التزام المستفيد بضوابط الترخيص ودفع رسوم سنوية قدرها 28 ألف درهم.
لكن بالرغم من هذه التبريرات، تشير بعض المصادر إلى أن المستفيد تجاوز مقتضيات الرخصة، مما يثير تساؤلات حول مدى الالتزام بالمعايير المحددة ومدى استعداد الجماعة لتطبيق القانون بصرامة في هذه الحالة.
مبادرة إيجابية أم سياسة انتقائية؟
رغم أن تحويل هذا الفضاء إلى نقطة تجارية قد يكون خطوة إيجابية تسهم في تحسين استغلال الملك العام، إلا أن السؤال الأهم يظل: هل سيتم تعميم مثل هذه المبادرات على جميع البؤر السوداء في طنجة؟ أم أن الاختيارات تخضع لمعايير خاصة؟
إذا كان الهدف هو خلق فرص عمل، فإن توفير مراحيض عمومية مجهزة وصيانتها من قبل عاملات نظافة قد يحقق منفعة مزدوجة: توفير فرص عمل جديدة، وضمان نظافة وجمالية المكان الذي يقصده المئات في عطلات نهاية الأسبوع. فهل تفكر الجماعة في حلول مماثلة تحقق التوازن بين الخدمات العامة والاستثمار التجاري، أم أن الأولوية ستظل لمن يحظى بالدعم والعلاقات؟؟؟